على مدى العقدين الأخيرين من الزمن، من الصعب العثور على عملية احتيال كبيرة وعالمية بقدر فضيحة أجهزة كشف القنابل المزيفة في الواقع، فقد انتشرت هذه الأجهزة التي لا تمتلك أي أساس علمي أو إثبات لكونها تعمل في كل مكان حول العالم، وبينما حظرتها عشرات البلدان وحتى أن بعض المروجين لها باتوا خلف القضبان اليوم، يبدو أنها لا تزال مستخدمة اليوم وللعديد من الاستخدامات التي تزداد غرابة مع الوقت.
في موضوع سابق مفصل عن أجهزة كشف القنابل المزيفة، كنا قد تناولنا قصة استخدامها لكشف فيروس HIV والفيروسات الأخرى ضمن واحدة من أكبر الفضائح الطبية في مصر، والآن يبدو أن السيناريو يتكرر مع أجهزة مشابهة للغاية مع ادعاء كونها تكشف الأمراض (لكن هذه المرة فيروس كوفيد-19) ومن قبل منظمة عسكرية كذلك، والفرق الأساسي هنا هو أن هذه المهزلة الجديدة ليست في مصر، بل في إيران.
في تقرير بثه التلفزيون الحكومي الإيراني قبل أيام، يظهر عدة ضباط كبار في “الحرس الثوري الإسلامي الإيراني” وهم يتحدثون عن جهاز جديد يستطيع كشف فيروس كوفيد-19 على الأسطح خلال ثوانٍ فقط وعلى بعد 100 متر حتى، لكن وبنظرة سريعة إلى الجهاز فهو يبدو مشابهاً جداً لـ “جهاز الكفتة” الذي اشتهر في مصر، وكذلك لأجهزة كشف القنابل المزيفة التي استخدمت في بلدان المنطقة لسنوات قبل فضحها، ولا تزال تستخدم حتى الآن في بعض البلدان.
المثير للاهتمام هو أن الجهاز الذي يظهر في الفيديو ليس مطابقاً لأي من الموديلات المعتادة للأجهزة، بل يبدو وكأنه قد خضع لبعض التعديلات على تصميمه لجعل الهوائي فوق المقبض بدلاً من مقدمته، كما أن الشخص الذي يستخدمه يحمل بيده طبقاً معدنياً يبدو أشبه بطبق استقبال بث فضائي، لكن أصغر بالطبع.
بالإضافة لكون هذا النوع من الأجهزة قد تسبب (ولو بشكل غير مباشر) بمقتل المئات حول العالم نتيجة التفجيرات، فظهوره الجديد على التلفزيون الحكومي الإيراني مقلق للغاية، حيث أنه قد يعطي تفاؤلاً ليس بمكانه أبداً وربما يؤدي إلى تجاهل الإجراءات الوقائية في البلد الذي كان من أوائل مراكز انتشار المرض عالمياً، حيث أصيب أكثر من 80 ألف إيراني بالمرض حتى اليوم، وترك المرض أكثر من 5000 ضحية وفق التصريحات الحكومية.
من المهم تذكر أن الوباء العالمي الحالي هو أزمة صحية حقيقية، والطريقة الوحيدة الفعالة للتعامل معها هي أخذ الحيطة واتباع النصائح الطبية من مصادر موثوقة حصراً، وبالطبع تجاهل “الاختراعات” المزيفة التي تأتي من مصادر غير متوقعة كالقطاعات العسكرية.