في حال كنت تعمل في القطاع التقني أو أنك تمتلك معرفة أعلى من المتوسطة في هذا المجال، فعلى الأرجح أنك تجد نفسك في صراع أزلي مع نفسك في كل مرة تسمع فيها أحدهم وبالأخص ممن لا يمتلكون خبرة كبيرة في المجال يصف شيئاً ما ويستخدم مصطلحات غريبة وخاطئة لوصفه، ومع أن الأمر قد يبدو بسيطاً للغاية بالنسبة للبعض، فبالنسبة للكثيرين يعد استخدام مصطلحات خاطئة أمراً لا يغتفر، ومحاولة الصمت وعدم تصحيح الخطأ أمر صعب للغاية.
على أي حال فمهما كنت خبيراً حالاً، فلا بد أنك قد بدأت من مكان ما، وبالطبع كما الجميع فقد أخذت مصطلحاتك ممن تعرفهم ويحيطون بك، لذا وعلى الرغم من أن استخدام الكلمات والمصطلحات الخاطئة من الممكن أن يكون مستفزاً، فالغرض من هذا المقال ليس السخرية من أي شخص أبداً، فجميعنا كنا نستخدم مصطلحات غير صحيحة في وقت ما، بل أن الغرض هنا هو تبيين الخطأ من الصواب في المجال لا أكثر.
المحتويات
كلمة ذاكرة أو Memory لوصف مساحة التخزين
هذه المشكلة واحدة من الأكثر شيوعاً حتى اليوم في الواقع، حيث أن كلمة الذاكرة لا تزال مستخدمة من الكثير من الأشخاص حتى نسبة من محبي التقنية، وفي بعض الهواتف القديمة كانت رسالة الخطأ الشهيرة “الذاكرة ممتلئة” تستخدم كثيراً لوصف مساحة التخزين الداخلية في الواقع، ولو أن استخدامها التقني قد بات شبه معدوم حالياً مع تحسن الترجمة العربية للمصطلحات التقنية واهتمام الشركات للتسويق وبيع المنتجات للناطقين بالعربية.
على أي حال فاستخدام كلمة ذاكرة اليوم بات أمراً شبه حصري لذاكرة الوصول العشوائي (Random Access Memory) أو اختصاراً RAM، بينما توصف أي “ذاكرة” أخرى من الممكن أن تستخدم لتخزين الملفات لوقت طويل دون الحاجة لبقائها مزودة بالطاقة بكلمة مساحة التخزين. لكن على الرغم من كون الكلمتين باتتا متمايزتين للغاية حالياً، فالاستخدام الخاطئ لكلمة ذاكرة موجود بقوة وعلى الأرجح أنه سيستمر لوقت ما كون ذاكرة الوصول العشوائي ليست مصطلحاً واسع الانتشار بين الغير مهتمين بالتقنية.
كلمة قرص صلب أو هارد للدلالة على أي وحدة تخزين داخلية
ربما الجميع يعرف ما هي الأقراص الصلبة (Hard Disk Drives) أو HDD اختصاراً، حيث أنها لا تزال أكثر وسيلة تخزين مستخدمة في الحواسيب المكتبية والمحمولة على حد سواء، وبسبب الانتشار الكبير للغاية للأقراص الصلبة فنسبة كبيرة من الأشخاص يستخدمون كلمة قرص صلب أو “هارد” لوصف أي وحدة تخزين حاسوبية أياً كانت بغض النظر عن التقنية التي تستخدمها حتى ولو كانت من نوع SSD، وفي حالات أقل ربما، يستخدم البعض الكلمة للدلالة على مساحة التخزين الداخلية للهواتف.
المشكلة هنا هي كون “الأقراص الصلبة” سميت بهذا الاسم لسبب بسيط، فالأداة مكونة من مجموعة من الأقراص المغناطيسية ضمن غلاف يتضمن آلية ميكانيكية لتدويرها بالإضافة لرأس خاص بالقراءة عنها والكتابة عليها، وكلمة “صلبة” هنا تأتي لتمييزها عن الأقراص المرنة (Floppy Disk) والتي تستخدم أقراصاً مغناطيسية كذلك، لكن بالنسبة لذواكر فلاش (المستخدمة في الحواسيب الرخيصة جداً) وأقراص SSD فاستخدام كلمة قرص صلب أو “هارد” خاطئ للغاية.
الخلط بين كلمتي Disc وDisk
من بين الأخطاء المنتشرة حالياً، ربما يعد هذا الخطأ هو الأهون في الواقع والأقل ملاحظة حتى من قبل المتعمقين بالأمور التقنية، فكل من Disc وDisk تعنيان كلمة “قرص” وتمتلكان نفس اللفظ تماماً لذا غالباً ما يتم استخدامهما بشكل متبادل لوصف كل شيء بداية من الأقراص الصلبة والأقراص المرنة، ووصولاً إلى الأقراص الضوئية مثل CD وDVD وبالطبع Blu-Ray.
المشكلة هنا هي كون الكلمتين مختلفتين لسبب بسيط للغاية، فكلمة Disk (مع كون الحرف الأخير هو K) تستخدم وبشكل حصري للأقراص التي تعتمد على المغنطة في طريقة عملها، لذا فالأقراص الصلبة هي Hard Disks والأقراص المرنة هي Floppy Disks، لكن في حال كان الحديث عن الأقراص الضوئية، فالكلمة الصحيحة هي Disc (مع كون الحرف الأخير هو Disc) لذا فأقراص CD هي Compact Discs وأقراص DVD هي Digital Versatile Discs.
*تنويه: كلمة DVD قدمت أصلاً كاختصار لـ Digital Video Discs أي أقراص الفيديو الرقمية كونها كانت تستخدم للأفلام عادة، لكن مع توسع استخداماتها انتشر اسم Digital Versatile Discs أكثر والذي يعني الأقراص الرقمية المتنوعة.
استخدام عبارات مثل “شريط CD” أو “CD DVD” أو حتى “DVD Blu-Ray”
اليوم ربما باتت هذه العبارات نادرة للغاية ومن الصعب إيجاد أحد يقولها أصلاً، لكن الأمر هنا ليس بسبب كون الجميع قد بات يعرف أن هذه الأمور ولو تشابهت فهي مختلفة للغاية عن بعضها البعض، بل لأن الأقراص الضوئية عمومها في طريقها للانقراض التام مع كون استخدامها قد تراجع بشكل حاد وسريع عبر السنوات الأخيرة. على أي حال فمنذ ظهور أقراص CD سرعان ما ربت بالموسيقى وبالتالي بأشرطة الكاسيت ونتجت عبارة “شريط CD”، ومن ثم قاد التشابه الشكلي بين الـ CD والـ DVD ولاحقاً Blu-Ray إلى العبارات الأخرى.
الخلط بين “بطاقة الرسوميات” أو “كرت الشاشة” ووحدة معالجة الرسوميات
عند الحديث عن معالجة الرسوميات في الحواسيب بأنواعها (بما يتضمن الهواتف الذكية ومشغلات الألعاب بالطبع)، عادة ما يتم استخدام مصطلحات بطاقة الرسوميات وكرت الشاشة ومعالج الرسوميات بشكل متبادل بين بعضها البعض، فكثيراً ما يتم استخدام عبارة مثل “بطاقة رسوميات” عند الحديث عن هاتف ذكي مثلاً، واستخدام عبارة معالج الرسوميات عند الحديث عن “كرت شاشة” من تصنيع Gigabyte مثلاً.
على الرغم من كون هذ النوع من الخلط شائعاً للغاية، فعبارات معالج الرسوميات وبطاقة الرسوميات تحملان معنيين مختلفين في الواقع، فمعال الرسوميات من حيث المبدأ مشابه للمعالج المعتاد من حيث كونه مكوناً من نوى تقوم بأداء العمليات ويعمل وفق تردد معين، لكن عندما نتحدث عن بطاقة الرسوميات فالأمر هنا هو شريحة إلكترونية كبيرة تتضمن معالج الرسوميات بالإضافة لذاكرة وصول عشوائي مخصصة له وحتى مراوح تبريد منفصلة.
الخلط بين معالجات الرسوميات وبطاقات الرسوميات هو السبب الأساسي للحيرة التي تصيب البعض عندما يرون بطاقة رسوميات من إنتاج Asus مثلاً، لكن الغلاف يتضمن كلمة GTX 1080 من Nvidia، حيث أن شركة Nvidia تصنع معالجات الرسوميات (كما تقوم Intel بتصنيع المعالجات) ومن ثم تقوم شركات أخرى بتضمين معالجات الرسوميات مع وحدات ذاكرة وصول عشوائي وأجزاء أخرى لصنع ما نعرفه باسم بطاقة رسوميات.
اللغط حول كلمة HD
في حال كنت تنوي شراء شاشة تلفزيونية أو حاسوبية من أي نوع، فواحدة من أكثر الكلمات التي ستتردد على مسمعك هي HD والتي تعد اختصاراً لعبارة High-Definition (عالي الدقة)، وبشكل غريب فالصفة ملازمة لمعظم الشاشات بداية من تلك الرخيصة الثمن للغاية ووصولاً إلى تلك الباهظة جداً. من حيث المبدأ فأي شاشة تقدم دقة أعلى من 720×1280 تعد شاشة HD، أي أن الغالبية العظمى من الشاشات المتاحة وحتى شاشات الهواتف تعد “عالية الدقة”.
المشكلة هنا تأتي من ميل الشاشات الرخيصة لاستخدام الكلمة لإظهار المنتج وكأنه مميز وذو جودة عالية على الرغم من كونه يمتلك مواصفات متدنية للغاية. على أي حال فـ HD تعني 720p أو أكثر، وFull-HD تعني 1080p أو أكثر، وQHD تعني 1440p أو أكثر وأخيراً UHD تعني 2160p أو أكثر. من حيث المبدأ جميع خيارات الدقة هذه تعد “HD” لكن الأهم هو النظر إلى الأحرف الأخرى، فشاشات 720p وعلى الرغم من تسميتها بعالية الدقة، فهي ذات دقة منخفضة جداً بمعايير اليوم.
الاستخدام الخاطئ لكل من 4K و2K
بالنسبة للغالبية العظمى من الأشخاص، تعد دقة 4K هي الموازي لكلمة UHD حيث يتم التعامل معهما بشكل متبادل للغاية كونهما يستخدمان نفس قياس الشاشة من بعد واحد (2160)، لكن وعلى الرغم من تقارب الدقتين للغاية فهما ليستا متبادلتين حقاً، فبينما UHD تعرف بكونها تعني دقة 2160×3840 مع نسبة أبعاد 9/16، فكلمة 4K تعني دقة أعلى بقليل: 2160×4096 وهي دقة مخصصة للسينما أصلاً، لكن باتت الكلمة تستخدم بشكل متبادل بين هاتين الدقتين على أي حال.
على عكس كلمة 4K التي بات من الممكن القول أنها صحيحة نسبياً لوصف دقة UHD حيث الفرق ليس كبيراً حقاً، فالأمر مختلف بالنسبة لكلمة 2K الأقل انتشاراً والتي عادة ما تستخدم لوصف شاشات 1440p أو QHD، حيث أن 2K هي أيضاً دقة سينمائية في الواقع، لكنها أدنى بكثير من QHD حيث أن أبعادها هي 1080×2048 أي أنها تتضمن على الأكثر 2.2 مليون بكسل، لكن بالمقابل فدقة QHD تعني أبعاد 1440×2560 أي أنها تتضمن 3.68 مليون بكسل، وفي الواقع فأقرب دقة تلفزيونية لـ 2K هي دقة Full-HD أو 1080p.
الفارق بين Megabyte وMegabit
واحدة من أكثر المفاهيم الخاطئة إزعاجاً اليوم هو الخلط المستمر بين كل من مصطلحي Megabyte وMegabit، حيث أن المعتاد لدى الجميع هو Megabyte الذي نستخدمه طوال الوقت كونه وحدة قياس لحجم الملفات أو وحدات التخزين عموماً، لكن عندما يتناول الأمر سرعات الإنترنت تصبح واحدة القياس هي Megabit، وبالنتيجة هناك العديد من الأشخاص الذين يحصون أنفسهم قد خدعوا عندما يشتركون بسرعة إنترنت 10Mb/s مثلاً، وعندما يقومون بتحميل شيء فالسرعة عادة لا تتجاوز 1.2MB/s.
سبب اللغط هنا هو الخلط بين bit وByte، فكلمة bit هي أصغر واحدة ممكنة لحجم البيانات الرقمية، فهي حرفياً تأخذ واحدة من قيمتين: 0 أو 1، بالمقابل فـ Byte هي أصغر واحدة مستخدمة فعلياً، وتتكون من 8 bit، لذا فالسرعة التي تعرض بقيم Megabits per second (Mb/s) يجب أن يتم قسمتها على 8 للحصول على القيمة بواحدة Megabytes per second (MB/s). على أي حال فسرعة الإنترنت ليست الوحيدة التي تعتمد مضاعفات bit بدلاً من مضاعفات Byte، فالسرعة الاسمية للمنافذ والوصلات وحتى وحدات التخزين تفعل ذلك عادة.
استخدام كلمات مثل أتاري أو بليستيشن للإشارة إلى أي مشغل ألعاب
عادة ما يكون هذا الخطأ شبه حصري للأجيال من مواليد السبعينيات وما قبلها، حيث أن اسم أول مشغل ألعاب عاصروه عادة ما يتحول لاسم شامل لكل مشغلات الألعاب الأخرى بغض النظر عن نوعها، فكثيراً ما كانت مشغلات Nintendo مثلاً تسمى باسم Atari وكذلك الأمر بالنسبة لمشغلات PlayStation التي تسمى بأسماء غير اسمها، لكن ربما المشغل الأكثر معاناة من هذه المشكلة هو Xbox الذي وبسبب كونه الأحدث بين المشغلات الكبرى كثيراً ما ينادى بأسماء غيره، ومن النادر أن يعرف اسمه شخص في الأربعينيات من عمره.
فقرة إضافية
هنا لن أتحدث عن خطأ شائع حقاً لأنني لا أعرف مدى شيوع هذا الخطأ بالتحديد، لكن خلال فترة انتشار وسيطرة هواتف Nokia وبالتحديد بين أعوام 2005 و2008 كان من الشائع لدى البعض استخدام رقم موديل الهاتف وكأنه حجم ذاكرة الوصول العشوائي له، حيث أن الأسماء الرمزية لهواتف Nokia كانت كثيراً ما تأتي بصيغة RM-xxx (مع كون xxx هي رقم ما من ثلاثة خانات) لذا فقد كان البعض يفسر RM على أنها اختصار لـ RAM (التي هي اختصار أصلاً) ويستنتج أن هاتفاً بالكاد يقوم بتشغيل الموسيقى يمتلك ذاكرة وصول عشوائي بحجم 700MB مثلاً، ولو أن ذواكر الهواتف حينها كانت بالكاد تصل إلى 64MB.