حتى مع انتشار أنواع عدة من وحدات التخزين الجديدة، لا شك بأن القرص الصلب (هارد دسك) لا يزال الوسيلة المفضلة للتخزين في الحواسيب. ومع أنه أبطأ بمراحل من تقنيات أخرى، فكونه بخس الثمن مقابل مساحته تجعله جذاباً حتى اليوم.
في الماضي استخدمت الأقراص الصلبة في العديد من الاستخدامات، حتى أن الأجيال الأولى من مشغلات موسيقى iPod كانت تستخدمها. ومع أنها انحسرت إلى التخزين بأحجام كبيرة فقط اليوم، فهي لا تزال هامة ومن المهم فهم طريقة عملها.
في هذا المقال سنشرح مكونات القرص الصلب، وآلية تخزين الملفات ضمنه، ولماذا يعاني من بعض المحدوديات من حيث المتانة والسرعة.
المحتويات
مكونات القرص الصلب (HDD)
من حيث المبدأ، لا يعد القرص الصلب شديد التعقيد حقاً، بل أنه مكون من عدة مكونات أساسية من السهل فهمها. حيث أن التعقيد الأساسي يكمن في طريقة التخزين على القرص الصلب وليس من المكونات نفسها.
عموماً تتضمن الأقراص الصلبة نفس المكونات منذ تقديمها للمرة الأولى:
- لوحة إلكترونية تتضمن دارات التحكم بدوران الأقراص وحركة رأس القراءة والكتابة.
- أقراص نحيفة ممغنطة مصنوعة من المعدن أو الزجاج ومصفوفة فوق بعضها مع فراغات ضيقة بينها.
- رؤوس القراءة والكتابة التي تتوزع على هيئة رأسين لكل قرص (من الأعلى والأسفل).
- دارة تحريك رؤوس القراءة والكتابة.
- محرك لتدوير الأقراص بسرعات كبيرة تصل حتى 15 ألف دورة في الدقيقة (غالباً تكون 7200 دورة أو أقل في الموديلات الشائعة).
في الواقع تعد هذه المكونات هي نفس مكونات أقراص SSHD الهجينة، لكن الاختلاف الوحيد هو أن الأقراص الهجينة تضمن ذاكرة SSD صغيرة ضمنها بالإضافة للمكونات الأخرى.
المبدأ الأساسي في تخزين الملفات على الأقراص الصلبة
كما عدة وسائط تخزين أخرى، يعتمد القرص الصلب على المغنطة في عمله. حيث أن الأقراص النحيفة ضمنه تصنع من مادة قوية مثل بعض المعادن (غير المغناطيسية) أو الزجاج، وتطلى بمادة سهلة المغنطة مثل أكاسيد الحديد أو الكوبالت.
عادة ما تكون المادة الفعالة على شكل طبقة نحيفة للغاية ومكونة من حبيبات صغيرة. هذه الحبيبات قابلة للمغنطة بسهولة عند تعرضها لحقل مغناطيسي قوي كفاية، حيث يمكن التحكم باتجاه الحقل المغناطيسي لكل نقطة (تتضمن عدة حبيبات داخلها).
بتوجيه الحقول المغناطيسية للنقاط من الممكن في الواقع تخزين البيانات، حيث يمكن اعتبار الحقل المغناطيسي المتجه لليمين هو قيمة 1، ولليسار قيمة 0. وكون الحوسبة قائمة على نظام العد الثنائي تعد هذه طريقة تخزين ممتازة في الواقع.
تنظيم الملفات والبيانات ضمن وحدة التخزين
يتم تنظيم الحبيبات على كل قرص ضمن دوائر متحدة المركز تسمى مسارات (Tracks)، كما يقسم القرص إلى قطاعات (Sectors). بمقاطعة قطاع مع مسار نحصل على الكتل (Blocks)، وبجمع الكتل معاً يمكن صنع التجمعات (Clusters) المكونة من عدة كتل متجاورة.
عندما يقوم القرص الصلب بالكتابة، فهو لا يفعل ذلك بشكل عشوائي، بل أنه يكتب البيانات ضمن كتل محددة يجب تذكر مواقعها، حيث أن هناك جزءاً صغيراً من المساحة الكلية مخصص ليكون أشبه بفهرس للملفات ومكانها على القرص.
في الحالة المثالية، يتم تخزين الملفات ضمن تجمعات مكونة من كتل متجاورة على القرص الصلب. لكن مع امتلاء القرص الصلب تدريجياً يكون من الضروري قسم الملفات إلى عدة تجمعات مختلفة في مواقع متعددة على الأقراص. هذا الأمر يسمى “تجزئة الملفات” (Fragmentation) وهو أمر مكروه لأنه يبطئ من عملية القراءة والكتابة.
كيف تتم القراءة والكتابة على القرص الصلب (Hard Disk Drive)؟
كما ذكرنا عند الحديث عن أجزاء الهاردسك، فهو مكون من أقراص ولكل قرص رأسا قراءة وكتابة متوضعان فوقه وتحته. للتمكن من قراءة كامل محتوى القرص، يجب أن يدور القرص حول محوره من جهة، كما يجب أن تكون رؤوس القراءة والكتابة قابلة للحركة للانتقال من مسار إلى آخر.
في نهاية رأس القراءة يوجد مغناطيس صغير جداً، وعند القراءة ينجذب المغناطيس للقرص أو ينفر منه حسب اتجاه الحقل المغناطيسي لكل نقطة. وبناءً على هذه الحركة تتحول المعلومات المخزنة إلى إشارة كهربائية يتعامل معها الحاسوب.
بالنسبة للكتابة، فالأمر يختلف بكون رأس الكتابة يتضمن وشيعة، حيث يتم الاعتماد على الأثر المغناطيسي للتيار الكهربائي. وبتغيير التيار المار في الوشيعة يمكن تغيير مغنطة رأس الكتابة وبالتالي تغيير اتجاه الحقل المغناطيسي لكل نقطة.
بالنسبة للقراءة والكتابة فالأمر يتضمن عملاً حقيقياً للقرص الصلب، لكن بالنسبة للحذف فالأمر مختلف. حيث أن عملية الحذف لا تتضمن إزالة أو تغيير محتوى القطاعات، بل أنها تتم بمجرد إزالة سجل الملف المحذوف، حيث تبقى البيانات لكن يزال عنوانها. لهذا السبب تعد عملية الحذف أسرع بكثير من الكتابة، كما أن استعادة الملفات المحذوفة تبقى ممكنة كذلك.
لماذا يستطيع القرص الصلب تخزين البيانات بشكل فعال أكثر من الأقراص المرنة؟
من حيث المبدأ، يستخدم كل من القرص الصلب (Hard Disk Drive) والقرص المرن (Floppy Disk) نفس المبدأ بتخزين البيانات عبر مغنطة مادة فعالة، لكن فرق المساحة هائل. حيث أن الأقراص المرنة التقليدية تتسع لـ 1.44MB فقط، فيما يمكن تحقيق قرابة مليون ضعف هذه المساحة على قرص صلب.
السبب في الواقع هو المسافة بين رأس القراءة والكتابة والقرص، حيث أن المسافة الأبعد تعني أن نقاط تخزين البيانات ستكون أكبر، وبالتالي ستكون السعة الإجمالية للقرص أصغر بكثير.
بالمقابل وكلما كان رأس القراءة والكتابة ملاصقاً للقرص أكثر من الممكن جعل نقاط القراءة والكتابة أصغر بكثير، بالتالي ترتفع كثافة التخزين مقابل المساحة ونحصل على مساحة تخزين إجمالية أكبر.
بالاعتماد على هذا الأمر فقد تم تطوير الأقراص الصلبة الحديثة للاستفادة من الأمر، فالأقراص الصلبة الأحدث تمتلك رؤوس قراءة تتضمن وشيعة للتسخين تسمح بتقريب الرأس من القرص بدقة شديدة (بالاعتماد على تمدد المعادن) لتحقيق أفضل النتائج.
بالطبع من الممكن استخدام تطويرات كهذه مع أقراص مرنة، لكن الاقتراب من الأقراص المرنة محدود جداً بسبب كونها مرنة أصلاً.
لماذا تعتبر الأقراص الصلبة هشة نسبياً وسهلة التضرر؟
على الرغم من سرعاتها المحدودة، تعد الأقراص الصلبة مميزة بالكثير من الأمور. لكن عيبها الأكبر ربما هو كونه هشة أكثر بكثير من أنواع التخزين الأخرى وبالأخص وحدات SSD.
يعود سبب نقص متانة الأقراص الصلبة لأمرين أساسيين: الأول والاهم ربما هو أنها تتضمن أجزاء متحركة. بالتالي فأي صدمة أو حركة مفاجئة أو اهتزاز قد يكون ضاراً جداً. وحتى مع اتخاذ أقصى الحذر فالأجزاء المتحركة لا تدوم للأبد بل أنها تتلف مع الوقت.
المشكلة الثانية هي رؤوس القراءة والكتابة القريبة جداً من الأقراص، حيث أن أي اهتزاز مفاجئ أو صدمة قد تجعل رأس القراءة والكتابة يصدم القرص، وبالرغم من وجود طبقة حماية مزلقة، قد تؤدي الصدمة لإتلاف قطاع ضمن القرص الصلب.
بالطبع قطاع واحد تالف ليس مشكلة خطيرة بل أن ضرره محصور بملف واحد، لكن مع الوقت تتراكم القطاعات التالفة ويصبح القرص الصلب أبطأ ويعاني من ضياع الملفات أو أنه يفشل بشكل نهائي حتى.
هذه المشاكل خاصة بالأقراص الصلبة فقط في الواقع، حيث أن أنواع التخزين الحديثة الأخرى لا تعاني من مشاكل مشابهة لسبب بسيط: لا تتضمن أية حركة.