سواء كان ما تستخدمه هو هاتف ذكي، جهاز لوحي، حاسوب محمول، أو حتى سيارة كهربائية، فالأرجح أن البطارية التي تقدم الطاقة لأداتك هي من نوع بطاريات الليثيوم أيون.
وباستثناء بعض المجالات المحدودة، بات من المعروف اليوم أن بطاريات الليثيوم هي الأكثر انتشاراً اليوم، فهي تعد الأفضل عادة، وبالنتيجة تعتمدها الشركات لتشغيل مختلف الأدوات من الصغيرة كالساعة الذكية، وحتى العملاقة مثل شاحنة Tesla Cybertruck.
في هذا الموضوع سنشرح طريقة عمل بطاريات الليثيوم أيون، ولماذا تعد الخيار المفضل اليوم، كما سنتناول بعض مخاطرها، وأهمها قابلية احتراقها الشديدة.
المحتويات
المبدأ الأساسي في عمل البطاريات القابلة لإعادة الشحن
بغض النظر عن نوع البطارية، عادة ما تتكون البطاريات من 3 مكونات أساسية. هذه المكونات موجودة سواء كانت البطارية للاستخدام مرة واحدة أو قابلة لإعادة الشحن، حيث يكون الاختلاف في المواد المستخدمة عادة.
عموماً تتضمن أية بطارية:
- قطب موجب ضمنه كاثود (مهبط)
- قطب سالب ضمنه أنود (مصعد)
- إلكتروليت يسمح بانتقال الأيونات بشكل حر بين القطبين.
في الحالة العادية يكون الكاثود (المهبط) هو القطب السالب وليس الموجب، لكن في البطاريات هناك دارتان في الواقع. الدارة الخارجة التي تهمنها، والدارة الداخلية التي تكون مكوناتها معكوسة، فما هو قطب موجب للدارة الخارجية يعتبر قطباً سالباً للدارة الداخلية. بالنتيجة يكون الكاثود في القطب الموجب والانود في القطب السالب عكس المعتاد.
يعتمد المبدأ الأساسي لعمل البطاريات على حدوث تفاعل كيميائي في الكاثود (المهبط)، حيث يؤدي التفاعل الكيميائي إلى جذب الأيونات الموجبة من الأنود (المصعد) عبر الإلكتروليت.
بنفس الوقت تمر الإلكترونات (التي خسرتها الذرات التي تحولت إلى أيونات) عبر الدارة الخارجية المتصلة بالبطارية وتسير من القطب السالب (المتضمن للأنود) إلى القطب الموجب (حيث الكاثود).
مرور الإلكترونات في الدارة الخارجية هو التيار الكهربائي الذي تقدمه البطارية، حيث يستمر هذا التيار بالمرور طالما أن التفاعل الكيميائي مستمر ضمن البطارية. لكن بمجرد استنفاذ التفاعل الكيميائي في البطارية تتوقف الإلكترونات وتصبح البطارية فارغة.
في البطاريات المخصصة للاستخدام مرة واحدة، تصبح البطارية تالفة بمجرد استنزاف التفاعل الكيميائي ضمنها. لكن في البطاريات القابلة لإعادة الشحن يمكن عكس التفاعل.
حيث يتم تقديم شحنة سالبة للقطب السالب تجعله يشحن بالإلكترونات ويستعيد أيوناته التي تعود إلى كونها ذرات، ويتم تقديم شحنة موجبة للقطب الموجب ليخسر الإلكترونات وبالتالي يسمح بعودة الأيونات إلى القطب السالب.
اقرأ المزيد: كيف يمكنك توفير البطارية وجعل بطارية هاتفك تصمد لأطول وقت ممكن؟
طريقة عمل بطاريات الليثيوم أيون
تحمل بطاريات الليثيوم أيون هذا الاسم لأنها تعتمد بعملها على أيونات الليثيوم، حيث يكون القطب الموجب مصنوعاً من أحد مركبات الليثيوم مثل أكسيد الليثيوم والكوبالت (LiCoO₂) أو فوسفورات الليثيوم والحديد (LiFePO₄) أو غيرها.
بينما يصنع القطب السالب من الجرافيت (شكل كريستالي لعنصر الكربون النقي) عادة، حيث أن بنية الجرافيت تسمح باستقرار ذرات الليثيوم ضمنه عندما تكون البطارية مشحونة.
بين الطبقتين هناك مادة الإلكتروليت التي عادة ما تكون أحد مركبات الليثيوم أو البوليمرات. وضمن الإلكتروليت يوضع فاصل يحمي من حصول قصر للدارة ضمن البطارية.
في حالة البطارية المشحونة، تكون ذرات الليثيوم موجودة في القطب السالب ضمن الجرافيت، لكن وعند وصل الدارة تخسر الذرات إلكتروناتها التي تسير عبر الدارة الخارجية لتعطي الكهرباء، وتتحرك الأيونات عبر الإلكتروليت إلى القطب الموجب لتتفاعل معه.
عند شحن البطارية يتم الأمر بشكل معاكس، حيث يتم تقديم الإلكترونات إلى القطب السالب، وبالتالي تنحرك أيونات الليثيوم إلى هناك، حيث تعوض الأيونات نقص الإلكترونات وتتحول إلى ذرات ليثيوم تبقى في القطب السالب حتى عملية التفريغ التالية.
مع كون أيونات الليثيوم هي أساس عمل هذه البطاريات، فمن المنطقي كونها تحمل اسم بطاريات الليثيوم أيون.
اقرأ المزيد: 6 أساطير عن شحن البطارية وبطاريات الهواتف عليك التوقف عن تصديقها أو الالتزام بها
تصميم بطاريات الليثيوم أيون
عادة ما تتكون بطاريات الليثيوم الكبيرة (كالموجودة في الحاسوب المحمول أو السيارات الكهربائية) من خلايا في الواقع، حيث أن البطارية الكبيرة مكونة من مجموعات عديدة من الخلايا وكل من هذه الخلايا هو بطارية ليثيوم أيون بحد ذاته.
عادة ما تصنع بطاريات الليثيوم أيون على شكل رقاقات، حيث توضع المادة المكونة للقطب الموجب على رقاقة من الألمنيوم عادة، بينما يحمل الجرافيت الخاص بالقطب السالب على رقاقة من النحاس. وبالنتيجة تكون البطارية قليلة السماكة للغاية.
مع كون استخدام بطارية قليلة السماكة وذات مساحة كبيرة غير عملي، عادة ما يتم لف طبقات بطاريات الليثيوم أيون لتشكل عدة طبقات متتالية. حيث عادة ما تلف لتكون أسطوانية الشكل، أو لتكون مسطحة.
لماذا يستخدم الليثيوم في البطاريات أصلاً؟
الليثيوم هو العنصر الثالث في الجدول الدوري، وينتمي إلى مجموعة المعادن القلوية. وبسبب رقمه الذري الصغير، يعرف الليثيوم بكونه أخف المعادن، حيث أنه خفيف كفاية ليطفو على سطح الماء كما الصوديوم والبوتاسيوم.
واحد من الميزات الأساسية في معدن الليثيوم هي نشاطه الكيميائي الاستثنائي، فهو أكثر المعادن ميلاً لخسارة الإلكترونات، وبالتالي يتفاعل مع ما حوله بسرعة وعنف عندما يكون ذلك متاحاً، حيث أن تركه في الهواء مع بعض الحرارة يؤدي إلى اشتعاله، ورميه في الماء ليس فكرة جيدة كونه يتفاعل مع الماء كذلك.
هذا النشاط الكيميائي الشديد هو السر خلف استخدام بطاريات الليثيوم، فالبطاريات التي تستخدمه تمتلك قدية أكبر على تخزين الطاقة مقارنة بالأنواع السابقة، كما أنها أخف وزناً بشكل نسبي.
لماذا تحترق بطاريات الليثيوم أو تنفجر أحياناً؟
واحد من العيوب الأساسية في بطاريات الليثيوم هو كونها حساسة جداً. حيث أنها عرضة للاحتراق أو حتى الانفجار في حال ثنيها أو ثقبها أو تعرضها للضغط الشديد أحياناً.
السبب في احتراق بطاريات الليثيوم وانفجارها هو كون مادة الإلكتروليت الخاصة بها قابلة للاشتعال عادة، ومع كون الليثيوم شديد الفاعلية الكيميائية أصلاً، من الممكن لثقب أو ضغط شديد أن يتسبب بتفاعل سريع لليثيوم ينتج الكثير من الحرارة ويشعل البطارية أو يفجرها.
عادة ما تشتعل البطاريات بلهب أحمر براق، وتنتج الكثير من الدخان. ومع أن اشتعالها سريع ويدوم لعدة ثوانٍ فقط (لبطارية بحجم بطارية هاتف)، فقد يكون الأمر خطيراً للغاية إن كانت البطارية قريبة من مادة سهلة الاشتعال، بالأخص مع كون الماء قليل الفاعلية في إطفاء نيران بطاريات الليثيوم.
واحدة من أشهر حالات اشتعال البطاريات هي حالة هاتف Samsung Note 7 الذي صدر نهاية عام 2016. حيث كان الهاتف يعاني من عيب تصنيعي سمح للبطارية بأن ترتفع حرارتها بسرعة وتشتعل في بعض الحالات.
بالطبع فقد سحب الهاتف من السوق بسرعة، وأعيد طرحه بعدها بفترة ليتبين أن العيب لا زال موجوداً، وحينها تم سحب الهاتف بشكل نهائي. لاحقاً عاد الهاتف للظهور باسم Note FE بعدما أصلحت المشكلة، لكنه بيع بكميات محدودة جداً.
لماذا من الممكن أن تنتفخ بطاريات الليثيوم مع الوقت؟
كما أي نوع من البطاريات، تصدر بطاريات الليثيوم بعض الحرارة أثناء شحنها أو تفريغها. في حال تم تبريد هذه الحرارة بالشكل المناسب تبقى الأمور سليمة، لكن في العديد من الحالات تكون البطارية مصممة بشكل سيء، أو أن الأداة التي تستخدمها تسحب طاقة أكثر من المتوقع وتصرف الحرارة بشكل سيء.
في حال لم يتم التعامل مع الحرارة فوراً، من الممكن أن يتبخر الإلكتروليت بين طبقات البطارية، ونتيجة تحوله إلى غاز يتمدد مرغماً البطارية على الانتفاخ حتى في حال كانت محفوظة في غلاف معدني متين كما بطاريات الهواتف القابلة للاستبدال.
انتفاخ البطارية لا يعني أنها باتت تالفة تماماً في الواقع، بل أنها تبقى قادرة على العمل في بعض الحالات. لكن حتى ولو بقيت تعمل، من الأفضل التخلص من البطارية المنتفخة بأسرع وقت، فهي في نهاية عمرها على أي حال، كما أنها أكثر عرضة للاحتراق إن تعرضت للصدم أو الثقب بقوة.